السياحة في منطقة شيشلي في اسطنبول: حقائق وأسرار

تعتبر منطقة شيشلي جوهرة متلألئة في قلب إسطنبول، حيث تتداخل فيها خيوط التاريخ العريق مع نبض الحياة المعاصرة. تقع شيشلي في الجانب الأوروبي من هذه المدينة الساحرة، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الماضي والحاضر. شوارعها تحكي قصصًا عن حقب مضت، بينما مبانيها الشاهقة تعكس طموحات الحاضر والمستقبل. وسط هذه المنطقة الحيوية، يتربع معلم ديني بارز، يجسد روحانية المكان وجمال العمارة الإسلامية: إنه جامع شيشلي الشهير، الذي يعتبر تحفة فنية ومعلمًا روحيًا يرتاده الزوار من كل حدب وصوب. هذا الجامع ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو رمز للتراث الإسلامي الغني الذي تحتضنه شيشلي بكل فخر واعتزاز. دعونا نتعمق في استكشاف هذه المنطقة الرائعة، ونسبر أغوار جامع شيشلي، لنكتشف سحر التاريخ والجمال الذي يكمن في كل زاوية من زواياها.

أين تقع منطقة شيشلي في إسطنبول؟

شيشلي من المناطق التاريخية الرائعة في مدينة إسطنبول، تقع في الشطر الأوربي منها، وفيها جامع مشهور، هو جامع شيشلي. وهي واحدة من 39 بلدية في مدينة إسطنبول الكبرى؛ يحدها من الشرق بلدية بشيكطاش، ومن الشمال منطقة سارير، ومن الغرب منطقتا أيوب وكاغد خانه، وبي أوغلو من الجنوب.

عدد سكان منطقة شيشلي في العام 2017 بلغ 318 ألف نسمة، يتوزعون على مساحة 35 كلم2، تتقاسمهم عدة أحياء عريقة في شيشلي مثل: حي تشويقية، حي نيشانتاشي، مجيدية كوي، أوك ميداني، وتبلغ الكثافة السكانية: 9100 نسمة/ كلم2.

تاريخ منطقة شيشلي في إسطنبول

حتى العام 1800م، كانت شيشلي منطقة ريفية مفتوحة، تستخدم للصيد والزراعة والترفيه، وقد تم تخصيصها لاحقاً كمنطقة سكنية للطبقة الوسطى خلال السنوات الأخيرة من عمر الإمبراطورية العثمانية والسنوات الأولى للجمهورية التركية (في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين).

كان للثقافة الفرنسية تأثير كبير في هذه الفترة، وكانت المباني الحجرية الكبيرة ذات السقوف العالية تصطف جنباً إلى جنب ضمن الطرق الواسعة في شيشلي، تتشح بالشرفات الحديدية بطابعها الفني الحديث، وفي تلك المباني القديمة كثيراً ما نجد المصاعد مشيدة على الطريقة التقليدية في منتصف السلالم.

السكان كانوا من الطبقات الاجتماعية المتوسطة التي يغلب عليها التجار من خلفيات ثقافية وإثنية متنوعة مثل اليونان، والبلقان، والأرمن، بالإضافة إلى بعض الأتراك الذين بنوا منازلهم في شيشلي عقب حريق كبير حل في حي بي أوغلو المجاور عام 1870. وحتى يومنا هذا، ماتزال عائلات عدة من أصول أرمنية، تقطن ضمن حي كيرتولوش في شيشلي.

كانت المنطقة مرغوبة كذلك لدى العائلات التجارية الشامية، التي استقرت في اسطنبول للتجارة أو تم التعاقد معها أيام الإمبراطورية العثمانية. وفي أواخر القرن التاسع عشر، كانت شيشلي واحدة من أولى المناطق التي يتم تزويدها بخدمات الترام والكهرباء والغاز الطبيعي في إسطنبول.

بعد تأسيس الجمهورية التركية في عشرينيات القرن العشرين، تم بناء مبانٍ أكثر وأكبر على طول الطرق الواسعة مثل طريق هالاسكارغازي Halaskargazi Caddesi، وهو الطريق الرئيس الذي يمر وسط شيشلي، حيث تصطف المحلات التجارية أسفل المباني الشاهقة للشقق والمكاتب.

وفي العهد الجمهوري، كانت المنطقة لا تزال مركزاً لإقامة الطبقة المتوسطة والتجار، ويسكنها الآن الأدباء والشعراء أيضاً، وقد استحوذت شيشلي على استضافة كثير من المسارح والمقاهي والمرافق الثقافية الأخرى في إسطنبول. في عام 1950 تم بناء فندق هيلتون إسطنبول Hilton Istanbul Bosphorus، ليكون أحد العلامات الفارقة في المدينة، ثم تبعته العديد من الفنادق الأخرى.

قد يهمك: الدليل الشامل إلى فنادق ريكسوس في تركيا.

منطقة شيشلي اليوم

بعد انتقال عدد من سكان المنطقة إلى خارج حدود إسطنبول التاريخية، أصبحت المباني الكبرى في المنطقة من نصيب الشركات والبنوك والمتاجر الكبرى. وفي سبعينيات القرن العشرين، تم تحديث معظم المباني القديمة، واستبدال بعضها بأبنية حديثة متعددة الطوابق.

الشوارع الخلفية لا تزال ذات طبيعة سكنية، وقد استقر العديد من عائلات الطبقة العاملة والطلاب هنا. وكما هو الحال في معظم أجزاء اسطنبول، فإن عدد الأشخاص الذين يعيشون ويعملون في هذه الكتل يمثل تحدياً لمشاريع البنية التحتية القائمة؛ على سبيل المثال: التنافس على إيجاد موقف لسيارتك في حارات شيشلي القديمة ليس بالأمر البسيط ولكن بالنسبة للقاطنين في شيشلي، فإن روح المكان وعبق التاريخ، متمثلة بكثير من المتاجر والمقاهي والمرافق الأصيلة، تجعل الحياة في شيشلي متعة حقيقية في حد ذاتها، لا يمكن استبدالها بأي خيار آخر.

الأعمال والتسوق في شيشلي

تعد شيشلي مركزاً للتجارة والتسوق، نظراً لكونها منطقة مركزية توفر خدمات النقل العام والبنية التحتية الحديثة. الطريق الرئيس في شيشلي يصل إلى ناطحات السحاب المصطفة في مجيدية كوي Mecidiyeköy وغايريه تابه Gayrettepe وليفنت Levent والأحياء المجاورة لها في منطقة شيشلي، وهي تتراصف جنباً إلى جنب مع تجمعات وأبنية المكاتب التجارية الأخرى. كما يقع هنا مول جواهر اسطنبول Cevahir İstanbul ذائع الصيت، الذي كان يعد حتى وقت قريب أكبر مول للتسوق في أوروبا، وثاني أكبر مركز تسوق للمناطق الحضرية على مستوى العالم!

ونظراً للعلاقة التاريخية العريقة بين منطقة شيشلي والطبقات الاجتماعية الراقية، ناهيك عن المستوى الباذخ لمعظم أحيائها، فإن المنطقة تعد مقراً لكثير من العلامات التجارية الفاخرة عالمياً، ولاسيما في حي نيشانتاشي الأنيق. يأتي الناس إلى شيشلي أيضاً بهدف التعليم ومتابعة أحدث طرائقه؛ حيث تضم هذه المنطقة بعض أهم المدارس الثانوية المعروفة ذات السمعة الحسنة في إسطنبول، وعدداً كبيراً من مراكز الدورات التدريبية (دورات تحضيرية لامتحانات القبول الجامعي)، هناك أيضاً المدارس المسائية والأسبوعية حيث تتاح إمكانية تأدية امتحانات الالتحاق بالجامعة والثانويات العليا، أو ببساطة لتعلم اللغة الإنجليزية!

المعالم السياحية في شيشلي

تزخر منطقة شيشلي بعدد هائل من المعالم السياحية، تلبي جميع الأذواق والاحتياجات الاجتماعية والسياحية، للزوار والسكان على حد سواء، ومنها:

المتاحف والأماكن التاريخية في شيشلي

• متحف اسطنبول العسكري: يعد متحف اسطنبول العسكري صرحًا شامخًا يروي حكايات البطولة والفخر التي سطرتها القوات المسلحة التركية عبر العصور. يضم المتحف مجموعة واسعة من المعروضات التي تشمل الأسلحة القديمة والدروع والمعدات العسكرية، بالإضافة إلى الوثائق التاريخية والصور التي توثق أهم المعارك والانتصارات. زيارة هذا المتحف هي بمثابة رحلة عبر الزمن، حيث يمكن للزائر أن يتعرف على تطور الجيش التركي ودوره المحوري في حماية الوطن وصون عزته.
• متحف أتاتورك: متحف أتاتورك في شيشلي هو بيت متواضع تحول إلى صرح يخلد ذكرى مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك. يعرض المتحف متعلقات شخصية لأتاتورك، صورًا تاريخية، ووثائق تسلط الضوء على حياته وإنجازاته العظيمة. زيارة هذا المتحف هي فرصة للتعرف على حياة هذا القائد الملهم، وفهم رؤيته لبناء تركيا الحديثة، والوقوف على التحديات التي واجهها في سبيل تحقيق هذا الحلم. إنه مكان يجسد روح الوطنية والقيادة الحكيمة.
• نصب الحرية: نصب الحرية في شيشلي هو رمز للتحرر والاستقلال، يجسد تضحيات الشعب التركي في سبيل نيل حريته وتقرير مصيره. يمثل هذا النصب تذكيرًا دائمًا بقيم الحرية والديمقراطية، وضرورة الحفاظ عليها والدفاع عنها. غالبًا ما يكون النصب موقعًا للاحتفالات الوطنية والمناسبات الرسمية، حيث يتجمع الناس للتعبير عن فخرهم بوطنهم والتأكيد على التزامهم بمبادئ الحرية والعدالة.

المباني الفنية في شيشلي

تتميز منطقة شيشلي بثرائها الثقافي والفني، ويتجسد ذلك في مبانيها التي تحتضن الفنون والإبداع. هذه المباني ليست مجرد هياكل معمارية، بل هي مساحات تلهم الفنانين وتعزز التواصل الثقافي بين الناس. من خلال هذه المنشآت، تساهم شيشلي في إثراء المشهد الفني في إسطنبول وتركيا بشكل عام، وتقدم للجمهور تجارب فنية لا تُنسى.

• صالة للحفلات الموسيقية Cemal Reşit Rey Concert Hall: تعتبر صالة جمال رشيد ري للحفلات الموسيقية جوهرة معمارية تحتضن أجمل الأنغام والألحان. هذه الصالة ليست مجرد مكان للاستماع إلى الموسيقى، بل هي فضاء يجمع بين الفن الرفيع والجمهور المتذوق، وتقدم لهم تجربة استماع فريدة من نوعها. بفضل تصميمها المتقن وتقنياتها الصوتية المتطورة، تتيح صالة جمال رشيد ري للفنانين تقديم أفضل ما لديهم، وتضمن للجمهور الاستمتاع بتجربة موسيقية لا تُنسى.
• مسرح الهواء الطلق Cemil Topuzlu Open-Air Theatre: مسرح الهواء الطلق جميل توبوزلو هو معلم فني بارز في شيشلي، حيث تتلاقى سحر الطبيعة وروعة الفنون الأدائية. هذا المسرح ليس مجرد مكان للعروض، بل هو فضاء يتيح للفنانين التعبير عن إبداعاتهم بحرية، وللجمهور الاستمتاع بتجربة فنية فريدة تحت سماء إسطنبول الساحرة. من خلال استضافة مجموعة متنوعة من العروض المسرحية والموسيقية والراقصة، يساهم مسرح الهواء الطلق جميل توبوزلو في إثراء الحياة الثقافية في المدينة وجذب الزوار من كل مكان.

قد يهمك: السياحة في جزر فتحية تجربة لا تنسى.

المباني الدينية في شيشلي

تعتبر منطقة شيشلي بوتقة تنصهر فيها مختلف الثقافات والأديان، ويتجسد ذلك في تنوع مبانيها الدينية التي تعكس تاريخاً من التسامح والتعايش. هذه المباني ليست مجرد أماكن للعبادة، بل هي معالم تاريخية وثقافية تعبر عن الهوية المتنوعة للمنطقة وتساهم في إثراء المشهد الروحي للمدينة.

• جامع شيشلي: يعد جامع شيشلي تحفة معمارية إسلامية شامخة، يجسد جمال الفن التركي الأصيل. يتميز الجامع بتصميمه الأنيق وقبابه الشاهقة ومآذنه الرشيقة، مما يجعله معلمًا بارزًا في سماء إسطنبول. إلى جانب كونه مكانًا للعبادة، يعتبر جامع شيشلي مركزًا ثقافيًا واجتماعيًا هامًا، حيث يستقبل الزوار من مختلف الخلفيات ويتيح لهم التعرف على الثقافة الإسلامية.
• جامع تشويقية: جامع تشويقية، بأجوائه الروحانية وهندسته المعمارية العثمانية الأصيلة، يعتبر ملاذاً للسلام والسكينة في قلب شيشلي. يعكس هذا الجامع تاريخ المنطقة العريق ويستقطب المصلين والزوار على حد سواء بجماله البسيط وتصميمه المريح للعين. يعتبر الجامع مكاناً هاماً للمجتمع المحلي ومركزاً للأنشطة الدينية والثقافية.
• كاتدرائية الروح القدس: تعد كاتدرائية الروح القدس صرحًا دينيًا هامًا يعكس التنوع الديني في منطقة شيشلي. تتميز الكاتدرائية بتصميمها المعماري الفريد وتاريخها الغني، مما يجعلها وجهة سياحية وثقافية بارزة. تمثل الكاتدرائية رمزًا للتسامح الديني والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف في إسطنبول.

المولات ومراكز التسوق في شيشلي

تعتبر شيشلي مركزًا حيويًا للتسوق والترفيه، حيث تضم مجموعة متنوعة من المولات ومراكز التسوق التي تلبي جميع الأذواق والاحتياجات. هذه المراكز ليست مجرد أماكن لشراء السلع، بل هي وجهات متكاملة توفر تجارب تسوق وترفيه فريدة من نوعها، وتساهم في تعزيز الحيوية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة.

• جواهر مول: يعتبر جواهر مول واحدًا من أكبر وأشهر مراكز التسوق في أوروبا، ويشتهر بتصميمه العصري ومجموعته الواسعة من المتاجر العالمية والمحلية. يوفر المول تجربة تسوق فريدة للزوار، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المطاعم والمقاهي ودور السينما وأماكن الترفيه، مما يجعله وجهة مثالية للعائلات والأفراد على حد سواء.
• مركز كانيون للتسوق: يعتبر جواهر مول واحدًا من أكبر وأشهر مراكز التسوق في أوروبا، ويشتهر بتصميمه العصري ومجموعته الواسعة من المتاجر العالمية والمحلية. يوفر المول تجربة تسوق فريدة للزوار، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المطاعم والمقاهي ودور السينما وأماكن الترفيه، مما يجعله وجهة مثالية للعائلات والأفراد على حد سواء.
• مركز تسوق مترو سيتي: يعتبر مركز تسوق مترو سيتي وجهة تسوق عصرية ومريحة، حيث يضم مجموعة متنوعة من المتاجر التي تلبي احتياجات جميع أفراد العائلة. يتميز المول بموقعه الاستراتيجي وسهولة الوصول إليه، بالإضافة إلى توفير مواقف واسعة للسيارات ومجموعة متنوعة من الخدمات والمرافق، مما يجعله خيارًا مثاليًا للتسوق اليومي وقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء.
• مركز بروفيلو للتسوق: يتميز مركز بروفيلو للتسوق بتقديمه مزيجًا من التسوق والترفيه والثقافة. بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المتاجر، يضم المركز مسرحًا وقاعة للحفلات الموسيقية ومعرضًا فنيًا، مما يجعله وجهة متكاملة تلبي مختلف الاهتمامات. يعتبر بروفيلو مكانًا مثاليًا لقضاء يوم كامل من التسوق والترفيه والاستمتاع بالفنون.

تحرير: سفرك السياحية ©

هل أعجبك موضوعنا؟ يمكنك مشاركته مع أصدقائك الآن!