السياحة في قونيا: رحلة إلى قلب الروحانية والتاريخ

في قلب الأناضول، تتألق مدينة قونيا كجوهرة ثمينة، حاملةً في طياتها عبق التاريخ وأصالة الحضارة السلجوقية. لم تكن قونيا يومًا مجرد مدينة، بل كانت عاصمة لدولة عظيمة، ومركزًا روحيًا وثقافيًا ترك بصمته الخالدة على مر العصور. انضموا إلينا في هذه الرحلة لاستكشاف قونيا، الوجهة السياحية التي تجمع بين سحر الماضي وجمال الحاضر، والتعرف على كنوزها التاريخية وأماكنها الروحانية التي تستقطب الزوار من كل حدب وصوب.

معلومات عن مدينة قونيا التركية

تُعرف مدينة قونيا التركية بأنها من أقدم مدن منطقة الأناضول، كيف لا والتاريخ والعراقة والروحانية، تُحيط بك من كل جانب، وتلمسها بروحك قبل حواسك، إذا ما طفت بين جنباتها.

فهي عاصمة السلجوقيين والمتصوفين، ويسميها الأتراك مدينة مولانا جلال الدين الرومي، الذي يرقد هناك، وهو شاعر وعالم صوفي، وصاحب الحكمة والرسالة العالمية التي تخاطب كافة حضارات العالم حيث أسس طائفة الدراويش المولوية، مما جعلها مدينة روحانية دينية، وواحدة من الأماكن الأكثر تحفظاً في البلاد. كما تعد قونيا من أكبر المدن التركية وأجملها، ومن أقدم المدن التاريخية، حيث يرجع تاريخها إلى نحو 7000عام ق.م، وفي مركز "تشاتالهويك" على حدود قونية بدأ طبخ الطعام، وتم اكتشاف كثير من الآثار التاريخية.

أين تقع مدينة قونيا

تقع مدينة قونيا وسط جنوب تركيا، وتُعد بداية التاريخ التركي، ومهد حضارات كثيرة وطأت أقدامها واتخذتها عاصمتها الثقافية والاقتصادية، وترتفع المدينة عن سطح البحر حوالي 1027 متر. ويحدها من الشمال العاصمة التركية أنقرة بمعالمها الساحرة، ومن الجنوب الغربي مدينة أنطاليا الساحلية، ومن الجنوب ولاية كارامان، وولاية مرسين.

الطقس في قونيا

يمتاز طقس قونيا شتاء بأنه ماطر وكذلك مثلج وتحديداً في شهري يناير وفبراير من كل عام، وعموماً يبلغ متوسط درجة الحرارة اليومية في قونيا بين 11-  19 درجة مئوية شتاء، أما في فصل الصيف بقونيا فتصل درجة الحرارة إلى 30°.

طبيعة الحياة  والمعيشة في مدينة الروحانية

تختلف أسباب الإقامة والعيش في تركيا من عائلة إلى أخرى، فلكل عائلة أولوياتها في تفضيل المدن التركية، لكن تعتبر قونيا من أهم مدن تركيا للعائلات، إلى جانب إسطنبول وبورصة وطرابزون وأنقرة وقونيا ويلوا. وتشتهر قونيا لمن يريد الاستقرار، بأنها مدينة تنخفض فيها تكاليف الحياة نسبياً مقارنة بباقي المدن التركية الكبرى، إضافة إلى توافر جميع متطلبات الحياة من مستشفيات وأسواق ومدارس وجامعات وشبكة مواصلات قوية، كما تتميز المدينة بأنها ذات بيئة إسلامية محافظة لعيش العائلات، وتبعد عن ولاية إسطنبول حوالي 8 ساعات بالسيارة.

أجمل 10 أماكن سياحية في مدينة قونيا

1. برج السلاجقة قونيا

أصبح وجهة سياحة واعدة، وهو عبارة ناطحة سحاب مؤلفة من 42 طابقا (بارتفاع 163 متر)، وبذلك يكون أطول ناطحة سحاب في منطقة وسط الأناضول. انتهى بناؤه في عام 2006. ويمتاز بإطلالة بانورامية خلابة، ويشتهر المطعم الموجود في آخر طابق في البرج بدورانه كل ساعة.

2. مسجد وتلة علاء الدين

واحد من أروع المعالم السياحية والتاريخية في مدينة قونيا، التي تجذب السياح، لرؤية الزخارف والطراز الإسلامي، حيث يعود تاريخ بنائه إلى حكم السلطان مسعود الأول عام 1116م، وأُنجز في ظل حكم السلطان علاء الدين كيقباذ الأول سنة 1237م، ودفن فيه الكثير من السلاطين، وتحديدا الذين حكموا تركيا في الفترة ما بين 1156م و1283م. ويبلغ طوله 71 مترا، وعرضه 56 مترا، وتحتوي جدرانه على منقوشات خشبية قيمة.

3. مسجد السليمية

هو مسجد عثماني من القرن السادس عشر، والذي انتهى انشاؤه في العام 1574 بأمر من السلطان سليم الثاني. يقصده السياح لرؤية عظمة البناء والطراز المعماري البديع، كما يمكن الجلوس بمحيط إذ تتوزع هناك عدد من المطاعم والمقاهي.

قد يهمك: الاشتراك في أجمل البرامج السياحية إلى بورصة.

4. بحيرة بيه شهير

يعد منتزه وبحيرة بيه شهير (Beyşehir)، من أجمل المتنزهات في تركيا، إذ تعد البحيرة ثاني أكبر بحيرات تركيا، وهي خلابة المنظر وأشبه بالبحر باتساعها وجمالها الأزرق وخاصة أنه إلى جانب البحيرة، تقع سلسلة جبال طوروس، فيما يقع جبل آران لار إلى الشرق منها، وتحفها من الجنوب جبال السلطان وجبل أناماس. ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 1121 م، ومساحتها حوالي 650 متر مربع، ويبلغ طولها 50 كم، وعرضها يتراوح بين 20-18 كم. وتعرف بحيرة بيه شهير بين الأهالي المحليين باسم اولو ارك، وتتميز هذه البحيرة بوجود 33 جزيرة مختلف الأحجام في وسطها، مثل: ايدلي، واكبورون، وقزقولاسي، ومادا، ويولانلي، وكولبانت. والبحيرة غنية بالنباتات الطبيعية والحيوانات مثل البط والبجع وغيرها، وهناك أماكن للتخييم، ويزور المنطقة سياح أجانب ومحليون كثر.

5. متحف قونيا الأثري

يعرض المتحف القطع الأثرية التي تعود إلى العهدين السلجوقي (1038-1157) والعثماني (1700-1922)، والآثار الإسلامية والتركية، إضافة لقطع الأسلحة والألبسة، والقطع الفنية والأثرية النادرة التي تعود لذلك العصر، حيث تمنح السياح فرصة للتعرف على حضارة وتاريخ تلك الحقبة.

6. متحف ومدرسة كاراتى

تم بناؤها عام 1251م لخدمة السلطان السلجوقي، بأمر من أمير المدينة، والذي كان اسمه جلال الدين كاراتاي، كما يوجد بالقرب منه خان يسمى كاراتاي أيضاً ويعد اليوم وجهة سياحية ومقصداً للاطلاع على القطع الأثرية التي تعود إلى العهد السلجوقي.

اقرأ أيضاً: دلل نفسك بتجربة سياحية لا تُنسى في مدينة موغلا.

7. متحف مولانا

فُتح متحف مولانا في 2 آذار 1927م، وسُمي بمتحف مولانا، لأنه يحوي ضريح المفكر والعالم الصوفي جلال الدين محمد رومي، المعروف برومي، أو مولانا، وهو مؤسس الطريقة المولوية الصوفية. ولد الرومي بمدينة بلخ في خراسان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بـ"سلطان العارفين" لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونيا حتى وفاته في 17 كانون أول 1273، بعد أن تنقل طلبا للعلم في عدد من المدن أهمها دمشق.

وفي ذكرى وفاة الرومي، يجتمع الناس من مختلف الأعراق والأديان في المتحف كل عام وكأنهم يلبون دعوة مولانا الرومي التي قال فيها: "تعالَ .. تعالَ، لا يهم من أنتَ، ولا إلى أي طريقِ تنتهي، تعالَ .. لا يهم من تكون". ويضم هذا المتحف كل ما يتعلق بتعلم هذه الطريقة، من ألبسة، ومعدات، وأجواء موسيقية، إضافة لأضرحة جلال الدين الرومي، وعدد من أفراد عائلته، وأصدقائه من متبعي هذه الطريقة.

وكان قد تم بناء المتحف عام 1274م، تحت إشراف المهندس المعماري بحر الدين تبريزلي، وترتكز الطبلة الأسطوانية للقبة على أربع أعمدة، والقبة نفسها مزخرفة بالخزف الفيروزي. وفي عام 1854م، أُضيفت العديد من الأقسام إلى المبنى، وتم بناء مسجد فيه، وتبلغ مساحة المتحف اليوم 18000 متر مربع.

والمتحف يحتضن آثاراً وكتباً عديدة تعود بالتاريخ للقرنين الثالث عشر والرابع عشر. وكان "الرومى" مثالًا عظيماً للتسامح، متّبعا تعاليم الدين، وأُحيط بأشخاص من الديانات والملل الأخرى، وضرب مثالًا للتسامح معهم وتقبلا لآرائهم وأفكارهم، وكان كل من يتبع مذهبه يرى أن كل الديانات خير، وكلها حقيقية.

8. حديقة الفراشات

تعد حديقة الفراشات من أجمل الحدائق فيها، حيث تم انشاء الحديقة على مستوى عالٍ من الاهتمام، التي يصل عدد أنواعها إلى 40 نوع. تبلغ مساحة الحديقة، 1600متر لتكون أكبر محمية للفراشات في أوروبا، وجهزت الحديقة بأجواء طبيعية مناسبة لحياة الفراشات، إذ تصل حرارة الحديقة لـ 28 مئوية ومعدل رطوبة 80 بالمية. ويشاهد الزوار الذين يقبلون على الحديقة العديد من الحشرات الأخرى، وأكثر من خمسين نوع من الفراشات الاستوائية، إلى جانب أنواع أخرى من فرس النبي والخنفساء والحشرات العصوية.

اقرأ أيضاً: كل ما تريد أن تعرف عن وادي الفراشات في تركيا.

9. حديقة العدالة

تمتد الحديقة الجميلة على مساحة 102000 متر مربع من الرحاب الخضراء، وتحوي أكثر من 192 نوعا من النباتات المختلفة. وهي من أجمل متنفسات المدينة، حيث تضم قسما لألعاب الأطفال، وآخر للمطاعم، وثالث لممارسة الألعاب الرياضية، ويقصدها السياح والسكان لأنها فعلاً تستحق الزيارة.

10. الحديقة اليابانية   

تعدّ حديقة "كيوتو" اليابانية في ولاية قونيا وسط تركيا، جسر أخوة وصداقة بين سكان المدينتين، ووجهة لجذب السيّاح إلى الولاية. وجرى افتتاحها عام 2010 من قبل بلدية قونية الكبرى، بهدف تطوير علاقات الصداقة والأخوة بين الولاية التركية، ومدينة "كيوتو" اليابانية. وتمتد على مساحة 36 ألف متر مربع، وتجذب سنويا زوار من داخل وخارج قونيا، فضلا عن السياح الأجانب، حيث تساهم في تنشيط الحركة السياحية في الولاية. وتضم الحديقة بحيرات تبلغ مساحتها 4 آلاف متر مربع وتحوي بداخلها على أسماك تم جلبها من اليابان، فيما تم تصميم الحديقة بأكملها وفق الطراز الياباني، كما تعدّ الحديقة التي تضم مطاعم ومقاهي ومنشآت ترفيهية أخرى، وجهة مفضلة للسياح اليابانيين القادمين إلى قونية، إلى جانب عشاق التصوير.

كم تبلغ تكلفة السفر والسياحة إلى قونيا؟

في الأسفل جدول يوضح التكاليف التقديرية للسفر والسياحة إلى قونيا، مع الأخذ في الاعتبار أن الأسعار قابلة للتغيير بناءً على عدة عوامل.

أهم الأسئلة الشائعة عن السياحة في مدينة قونيا تركيا

تحرير: سفرك السياحية©

هل أعجبك موضوعنا؟ يمكنك مشاركته مع أصدقائك!